القول في تأويل قوله تعالى: أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم يقول تعالى ذكره: أفمن كان على برهان وحجة وبيان من أمر ربه والعلم بوحدانيته، فهو يعبده على بصيرة منه، بأن له ربا يجازيه على طاعته إياه الجنة، وعلى إساءته ومعصيته

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: 14] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {أَفَمَنْ كَانَ} [هود: 17] عَلَى بُرْهَانٍ وَحُجَّةٍ وَبَيَانٍ {مِنْ} [البقرة: 4] أَمْرِ {رَبِّهِ} [البقرة: 37] وَالْعِلْمِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ، فَهُوَ يَعْبُدُهُ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْهُ، بِأَنَّ لَهُ رَبًّا يُجَازِيهِ عَلَى طَاعَتِهِ إِيَّاهُ الْجَنَّةَ، وَعَلَى إِسَاءَتِهِ وَمَعْصِيَتِهِ إِيَّاهُ النَّارَ، {كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} [محمد: 14] يَقُولُ: كَمَنْ حَسَّنَ لَهُ الشَّيْطَانُ قَبِيحَ عَمَلِهِ وَسَيِّئَهُ، فَأَرَاهُ جَمِيلًا، فَهُوَ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ مُقِيمٌ {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: 14] يَقُولُ: وَاتَّبَعُوا مَا دَعَتْهُمْ إِلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ بِمَا يَعْمَلُونَ مِنْ ذَلِكَ بُرْهَانٌ وَحُجَّةٌ وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي عُنِيَ بِقَوْلِهِ: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} [هود: 17] نَبِيُّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَإِنَّ الَّذِي عُنِيَ بِقَوْلِهِ: {كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ} [محمد: 14] هُمُ الْمُشْرِكُونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015