القول في تأويل قوله تعالى: الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الذين جحدوا توحيد الله وعبدوا غيره وصدوا من أراد

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محمد: 2] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: الَّذِينَ جَحَدُوا تَوْحِيدَ اللَّهِ وَعَبَدُوا غَيْرَهُ وَصَدُّوا مَنْ أَرَادَ عِبَادَتَهُ وَالْإِقْرَارَ بِوَحْدَانِيَّتِهِ، وَتَصْدِيقِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الَّذِي أَرَادَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِقْرَارِ وَالتَّصْدِيقِ {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 1] يَقُولُ: جَعَلَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ضَلَالًا عَلَى غَيْرِ هُدًى وَغَيْرِ رَشَادٍ؛ لِأَنَّهَا عُمِلَتْ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ وَهِيَ عَلَى غَيْرِ اسْتِقَامَةٍ {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 82] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَعَمِلُوا بِطَاعَتِهِ، وَاتَّبَعُوا أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ {وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ} [محمد: 2] يَقُولُ: وَصَدَّقُوا بِالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ {وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} [محمد: 2] يَقُولُ: مَحَا اللَّهُ عَنْهُمْ بِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ سَيِّئَ مَا عَمِلُوا مِنَ الْأَعْمَالِ، فَلَمْ يُؤَاخِذْهُمْ بِهِ، وَلَمْ يُعَاقِبْهُمْ عَلَيْهِ {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محمد: 2] يَقُولُ: وَأَصْلَحَ شَأْنَهُمْ وَحَالَهُمْ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ أَوْلِيَائِهِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِأَنْ أَوْرَثَهُمْ نَعِيمَ الْأَبَدِ وَالْخُلُودَ الدَّائِمَ فِي جِنَانِهِ. وَذُكِرَ أَنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ: {الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 6] الْآيَةَ أَهْلَ مَكَّةَ، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 82] الْآيَةَ، أَهْلَ الْمَدِينَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015