حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَعَا أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ لَهُ: " إِنِّي أُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ أَنْ تَحْفَظَهَا: إِنَّ لِلَّهِ فِي اللَّيْلِ حَقًّا لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَبِالنَّهَارِ حَقًّا لَا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ نَافِلَةٌ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْفَرِيضَةَ، إِنَّهُ إِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ فِي الدُّنْيَا، وَثَقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَحُقَّ لِمِيزَانٍ لَا يُوضَعُ فِيهِ إِلَّا الْحَقُّ أَنْ يَثْقُلَ، وَخَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ فِي الدُّنْيَا، وَخِفَّتِهِ عَلَيْهِمْ، وَحُقَّ لِمِيزَانٍ لَا يُوضَعُ فِيهِ إِلَّا الْبَاطِلُ أَنْ يَخِفَّ، أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ بِأَحْسَنَ أَعْمَالِهِمْ، -[143]- فَيَقُولُ قَائِلٌ: أَيْنَ يَبْلُغُ عَمَلِي مِنْ عَمِلِ هَؤُلَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ عَنْ أَسْوَأِ أَعْمَالِهِمْ فَلَمْ يُبْدِهِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ أَهْلَ النَّارِ بِأَسْوَإِ أَعْمَالِهِمْ حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ: أَنَا خَيْرٌ عَمَلًا مِنْ هَؤُلَاءِ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ رَدَّ عَلَيْهِمْ أَحْسَنَ أَعْمَالِهِمْ، أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ آيَةَ الشِّدَّةِ عِنْدَ آيَةِ الرَّخَاءِ، وَآيَةَ الرَّخَاءِ عِنْدَ آيَةِ الشِّدَّةِ، لِيَكُونَ الْمُؤْمِنُ رَاغِبًا رَاهِبًا، لِئَلَّا يُلْقِيَ بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَلَا يَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ أُمْنِيَةً يَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ فِيهَا غَيْرَ الْحَقِّ " وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ} [الأحقاف: 16] فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ (يُتَقَبَّلُ) . (وَيُتَجَاوَزُ) بِضَمِّ الْيَاءِ مِنْهُمَا، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَرَفْعِ (أَحْسَنُ) وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ {نَتَقَبَّلُ} [الأحقاف: 16] ، {وَنَتَجَاوَزُ} [الأحقاف: 16] بِالنُّونِ وَفَتْحِهَا، وَنَصْبِ {أَحْسَنَ} [الأحقاف: 16] عَلَى مَعْنَى إِخْبَارِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ، وَرَدًّا لِلْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ} [العنكبوت: 8] وَنَحْنُ نَتَقَبَّلُ مِنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ، وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015