الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ {حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} [غافر: 2] بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَوْلُهُ: {مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا أَحْدَثْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَأَوْجَدْنَاهُمَا خَلْقًا مَصْنُوعًا، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ أَصْنَافِ الْعَالَمِ إِلَّا بِالْحَقِّ، يَعْنِي: إِلَّا لِإِقَامَةِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فِي الْخَلْقِ وَقَوْلُهُ: {وَأَجَلٍ مُسَمًّى} [الأنعام: 2] يَقُولُ: وَإِلَّا بِأَجَلٍ لِكُلِّ ذَلِكَ مَعْلُومٍ عِنْدَهُ يُفْنِيهِ إِذَا هُوَ بَلَغَهُ، وَيُعْدِمُهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَوْجُودًا بِإِيجَادِهِ إِيَّاهُ وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} [الأحقاف: 3] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالَّذِينَ جَحَدُوا وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ عَنْ إِنْذَارِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ مُعْرِضُونَ، لَا يَتَّعِظُونَ بِهِ، وَلَا يَتَفَكَّرُونَ فَيَعْتَبِرُونَ