وقوله: نموت ونحيا نموت نحن وتحيا أبناؤنا بعدنا، فجعلوا حياة أبنائهم بعدهم حياة لهم، لأنهم منهم وبعضهم، فكأنهم بحياتهم أحياء، وذلك نظير قول الناس: ما مات من خلف ابنا مثل فلان، لأنه بحياة ذكره به، كأنه حي غير ميت، وقد يحتمل وجها آخر، وهو أن يكون

وَقَوْلُهُ: {نَمُوتُ وَنَحْيَا} [المؤمنون: 37] نَمُوتُ نَحْنُ وَتَحْيَا أَبْنَاؤُنَا بَعْدَنَا، فَجَعَلُوا حَيَاةَ أَبْنَائِهِمْ بَعْدَهُمْ حَيَاةً لَهُمْ، لِأَنَّهُمْ مِنْهُمْ وَبَعْضُهُمْ، فَكَأَنَّهُمْ بِحَيَاتِهِمْ أَحْيَاءُ، وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِ النَّاسِ: مَا مَاتَ مَنْ خَلَفَ ابْنَا مِثْلَ فُلَانٍ، لِأَنَّهُ بِحَيَاةِ ذِكْرِهِ بِهِ، كَأَنَّهُ حَيُّ غَيْرُ مَيِّتٍ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: نَحْيَا وَنَمُوتُ عَلَى وَجْهِ تَقْدِيمِ الْحَيَاةِ قَبْلَ الْمَمَاتِ، كَمَا يُقَالُ: قُمْتُ وَقَعَدْتُ، بِمَعْنَى: قَعَدْتُ وَقُمْتُ؛ وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْوَاوِ خَاصَّةً إِذَا أَرَادُوا الْخَبَرَ عَنْ شَيْئَيْنِ أَنَّهُمَا كَانَا أَوْ يَكُونَانِ، وَلَمْ تَقْصِدِ الْخَبَرَ عَنْ كَوْنِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْآخَرِ، تَقَدِّمُ الْمُتَأَخِّرَ حُدُوثًا عَلَى الْمُتَقَدِّمِ حُدُوثُهُ مِنْهُمَا أَحْيَانًا، فَهَذَا مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ فِيهِ إِلَى الْخَبَرِ عَنْ كَوْنِ الْحَيَاةِ قَبْلَ الْمَمَاتِ، فَقُدِّمَ ذِكْرُ الْمَمَاتِ قَبْلَ ذِكْرِ الْحَيَاةِ، إِذْ كَانَ الْقَصْدُ إِلَى الْخَبَرِ عَنْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ مَرَّةً أَحْيَاءً وَأُخْرَى أَمْوَاتًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015