الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} لِلْعَدْلِ وَالْحَقِّ، لَا لِمَا حَسِبَ هَؤُلَاءِ الْجَاهِلُونَ بِاللَّهِ، مِنْ أَنَّهُ يَجْعَلُ مَنِ اجْتَرَحَ السَّيِّئَاتِ، فَعَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ، كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، إِذْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ غَيْرِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ، يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَلَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لِلظُّلْمِ وَالْجَوْرِ، وَلَكِنَّا خَلَقْنَاهُمَا لِلْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَمِنَ الْحَقِّ أَنْ نُخَالِفَ بَيْنَ حُكْمِ الْمُسِيءِ وَالْمُحْسِنِ فِي الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ