وَقَوْلُهُ: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَا يَذُوقَ هَؤُلَاءِ الْمُتَّقُونَ فِي الْجَنَّةِ الْمَوْتِ بَعْدَ الْمُوتَةِ الْأُولَى الَّتِي ذَاقُوهَا فِي الدُّنْيَا وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يُوَجِّهُ «إِلَّا» فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَى أَنَّهَا فِي مَعْنَى سِوَى، وَيَقُولُ: مَعْنَى الْكَلَامِ: لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ سِوَى الْمَوْتَةَ الْأُولَى، وَيُمَثِّلُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] بِمَعْنَى: سِوَى مَا قَدْ فَعَلَ آبَاؤُكُمْ، وَلَيْسَ لِلَّذِي قَالَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدِي وَجْهٌ مَفْهُومٌ، لِأَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: لَا أَذُوقُ الْيَوْمَ الطَّعَامَ إِلَّا الطَّعَامَ الَّذِي ذُقْتُهُ قَبْلَ الْيَوْمِ أَنَّهُ يُرِيدُ الْخَبَرَ عَنْ قَائِلِهِ أَنَّ عِنْدَهُ طَعَامًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ذَائِقُهُ وَطَاعِمُهُ دُونَ سَائِرِ الْأَطْعِمَةِ غَيْرَهُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ