ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، ثَنَي أَبِي قَالَ، ثَنِي عَمِّي قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57] قَالَ: يَعْنِي قُرَيْشًا لَمَّا قِيلَ لَهُمْ {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98] فَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ: فَمَا ابْنُ مَرْيَمَ؟ قَالَ: «ذَاكَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يُرِيدُ هَذَا إِلَّا أَنْ نَتَّخِذَهُ رَبًّا كَمَا اتَّخَذَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَبًّا، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58] " وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {يَصِدُّونَ} [النساء: 61] فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: (يَصُدُّونَ) بضَمِّ الصَّادِ وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ {يَصِدُّونَ} [النساء: 61] بِكَسْرِ الصَّادِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِي فَرْقِ مَا بَيْنَ ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ بِضَمِّ الصَّادِ، وَإِذَا قُرِئَ بِكَسْرِهَا، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ، وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، مِثْلَ يَشُدُّ وَيَشِدُّ، وَيَنُمُّ وَيَنِمُّ مِنَ النَّمِيمَةِ وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ: مَنْ كَسَرَ الصَّادَ فَمَجَازُهَا يَضِجُّونَ، وَمَنْ ضَمَّهَا فَمَجَازُهَا يَعْدِلُونَ وَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَسَرَهَا: فَإِنَّهُ أَرَادَ يَضِجُّونَ، وَمَنْ ضَمَّهَا فَإِنَّهُ أَرَادَ الصُّدُودَ عَنِ الْحَقِّ