الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ} [الزخرف: 30] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {بَلْ مَتَّعْتُ} [الزخرف: 29] يَا مُحَمَّدُ {هَؤُلَاءِ} [البقرة: 31] الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِكَ {وَآبَاءَهُمْ} [الأنبياء: 44] مِنْ قَبْلِهِمْ بِالْحَيَاةِ، فَلَمْ أُعَاجِلْهُمْ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى كُفْرِهِمْ {حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ} [الزخرف: 29] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالْحَقِّ: هَذَا الْقُرْآنَ: يَقُولُ: لَمْ أُهْلِكْهُمْ بِالْعَذَابِ حَتَّى أَنْزَلْتُ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ، وَبَعَثَتْ فِيهِمْ رَسُولًا مُبِينًا يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {وَرَسُولٌ مُبِينٌ} [الزخرف: 29] مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُبِينُ: أَنَّهُ يُبَيِّنُ لَهُمْ بِالْحُجَجِ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا عَلَيْهِمْ أَنَّهُ لِلَّهِ رَسُولٌ مُحِقٌّ فِيمَا يَقُولُ {وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ} [الزخرف: 30] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَلَمَّا جَاءَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْقُرْآنُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَرَسُولٌ مِنَ اللَّهِ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ {قَالُوا هَذَا سِحْرٌ} [النمل: 13] يَقُولُ: هَذَا الَّذِي جَاءَنَا بِهِ هَذَا الرَّسُولُ سِحْرٌ يَسْحَرَنَا بِهِ، لَيْسَ بِوَحْي مِنَ اللَّهِ {وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ} [الزخرف: 30] يَقُولُ: قَالُوا: وَإِنَّا بِهِ جَاحِدُونَ، نُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنَ اللَّهِ