يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [الحشر: 12] فَجَاءَ بِلَا وَبِاللَّامِ جَوَابًا للَّامِ الْأُولَى قَالَ: وَلَوْ قَالَ: لَئِنْ قُمْتُ إِنِّي لَقَائِمٌ لَجَازَ وَلَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى الْعَائِدِ، لِأَنَّ الْجَوَّابَ فِي الْيَمِينِ قَدْ يَكُونُ فِيهِ الْعَائِدُ، وَقَدْ لَا يَكُونُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: لَئِنْ قُمْتَ لَأَقُومَنَّ، وَلَا أَقُومُ، وَإِنِّي لَقَائِمٌ فَلَا تَأْتِي بِعَائِدٍ قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: مَرَرْتُ بِدَارٍ الذِّرَاعُ بِدِرْهَمٍ وَبِبُرٍّ قَفِيزٌ بِدِرْهَمٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَتَّصِلَ بِالْأَوَّلِ بِالْعَائِدِ، وَإِنَّمَا يُحْذَفُ الْعَائِدُ فِيهِ، لِأَنَّ الثَّانِي تَبْعِيضٌ لِلْأَوَّلِ مَرَرْتُ بِبُرٍّ بَعْضُهُ بِدِرْهَمٍ، وَبَعْضُهُ بِدِرْهَمٍ؛ فَلَمَّا كَانَ الْمَعْنَى التَّبْعِيضُ حَذَفَ الْعَائِدَ قَالَ: وَأَمَّا ابْتِدَاءُ «إِنَّ» فِي كُلِّ مَوْضِعٍ إِذَا طَالَ الْكَلَامُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَبْتَدِئَ إِلَّا بِمَعْنَى: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ جَوَّابٌ لِلْجَزَاءِ، كَأَنَّهُ قَالَ: مَا فَرَرْتُمْ مِنْهُ مِنَ الْمَوْتِ، فَهُوَ مُلَاقِيكُمْ وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي عِنْدِي أَوْلَى فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ لِلْعِلَلِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا