القول في تأويل قوله تعالى: ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل يقول تعالى ذكره: ولمن صبر على إساءة إليه، وغفر للمسيء إليه جرمه إليه، فلم ينتصر منه، وهو على

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: 44] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَمَنْ صَبَرَ عَلَى إِسَاءَةٍ إِلَيْهِ، وَغَفَرَ لِلْمُسِيءِ إِلَيْهِ جُرْمَهُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَنْتَصِرْ مِنْهُ، وَهُوَ عَلَى الِانْتِصَارِ مِنْهُ قَادِرٌ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَجَزِيلِ ثَوَابِهِ {إِنَّ ذَلِكَ لَمَنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 43] يَقُولُ: إِنَّ صَبْرَهُ ذَلِكَ وَغُفْرَانَهُ ذَنْبَ الْمُسِيءِ إِلَيْهِ، لَمَنْ عَزْمِ الْأُمُورِ الَّتِي نَدَبَ إِلَيْهَا عِبَادَهُ، وَعَزَمَ عَلَيْهِمُ الْعَمَلَ بِهِ {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ} [الشورى: 44] يَقُولُ: وَمَنْ خَذَلَهُ اللَّهُ عَنِ الرَّشَادِ، فَلَيْسَ لَهُ مِنْ وَلِيٍّ يَلِيهِ، فَيَهْدِيهِ لِسَبِيلِ الصَّوَابِ، وَيُسَدِّدُهُ مِنْ بَعْدِ إِضْلَالِ اللَّهِ إِيَّاهُ {وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ} [الشورى: 44] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَتَرَى الْكَافِرِينَ بِاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمَّا عَايَنُوا عَذَابَ اللَّهِ يَقُولُونَ لِرَبِّهِمْ: {هَلْ} [البقرة: 210] لَنَا يَا رَبِّ {إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: 44] وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015