يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَإِلَى ذَلِكَ الدِّينِ الَّذِي شَرَعَ لَكُمْ، وَوَصَّى بِهِ نُوحًا، وَأَوْحَاهُ إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، فَادْعُ عِبَادَ اللَّهِ، وَاسْتَقِمْ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ، وَلَا تَزِغْ عَنْهُ، وَاثْبُتْ عَلَيْهِ كَمَا أَمَرَكَ رَبُّكُ بِالِاسْتِقَامَةِ وَقِيلَ: فَلِذَلِكَ فَادْعُ، وَالْمَعْنَى: فَإِلَى ذَلِكَ، فَوُضِعَتِ اللَّامُ مَوْضِعَ إِلَى، كَمَا قِيلَ: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 5] وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يُوَجِّهُ مَعْنَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ} [الشورى: 15] إِلَى مَعْنَى هَذَا، وَيَقُولُ: مَعْنَى الْكَلَامِ: فَإِلَى هَذَا الْقُرْآنِ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ وَالَّذِي قَالَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ قَرِيبُ الْمَعْنَى مِمَّا قُلْنَاهُ، غَيْرَ أَنَّ الَّذِيَ قُلْنَا فِي ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْكَلَامِ، لِأَنَّهُ فِي سِيَاقِ خَبَرِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَمَّا شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِقَامَتِهِ، وَلَمْ يَأْتِ مِنَ الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى انْصِرَافِهِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ