القول في تأويل قوله تعالى: من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد يقول تعالى ذكره: من عمل بطاعة الله في هذه الدنيا، فائتمر لأمره، وانتهى عما نهاه عنه فلنفسه يقول: فلنفسه عمل ذلك الصالح من العمل، لأنه يجازى عليه جزاءه، فيستوجب في

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَنْ عَمِلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، فَائْتَمَرَ لَأَمْرِهِ، وَانْتَهَى عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ {فَلِنَفْسِهِ} [الأنعام: 104] يَقُولُ: فَلِنَفْسِهِ عَمِلَ ذَلِكَ الصَّالِحَ مِنَ الْعَمَلِ، لِأَنَّهُ يُجَازَى عَلَيْهِ جَزَاءَهُ، فَيَسْتَوْجِبُ فِي الْمَعَادِ مِنَ اللَّهِ الْجَنَّةَ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ {وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} [فصلت: 46] يَقُولُ: وَمَنْ عَمِلَ بِمَعَاصِي اللَّهِ فِيهَا، فَعَلَى نَفْسِهِ جَنَى، لِأَنَّهُ أَكْسَبَهَا بِذَلِكَ سَخَطَ اللَّهِ، وَالْعِقَابَ الْأَلِيمَ {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا رَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ بِحَامِلِ عُقُوبَةِ ذَنْبِ مُذْنِبٍ عَلَى غَيْرِ مُكْتَسِبِهِ، بَلْ لَا يُعَاقِبُ أَحَدًا إِلَّا عَلَى جُرْمِهِ الَّذِي اكْتَسَبَهُ فِي الدُّنْيَا، أَوْ عَلَى سَبَبٍ اسْتَحَقَّهُ بِهِ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015