وقوله: ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله يقول: ثم قيل: أين الذين كنتم تشركون بعبادتكم إياها من دون الله من آلهتكم وأوثانكم حتى يغيثوكم فينقذوكم مما أنتم فيه من البلاء والعذاب، فإن المعبود يغيث من عبده وخدمه؛ وإنما يقال هذا لهم توبيخا وتقريعا

وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [غافر: 74] يَقُولُ: ثُمَّ قِيلَ: أَيْنَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ بِعِبَادَتِكُمْ إِيَّاهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ آلِهَتِكُمْ وَأَوْثَانِكُمْ حَتَّى يُغِيثُوكُمْ فَيُنْقِذُوكُمْ مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْعَذَابِ، فَإِنَّ الْمَعْبُودَ يُغِيثُ مَنْ عَبَدَهُ وَخَدَمَهُ؛ وَإِنَّمَا يُقَالُ هَذَا لَهُمْ تَوْبِيخًا وَتَقْرِيعًا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَطَاعَةِ الشَّيْطَانِ، فَأَجَابَ الْمَسَاكِينُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالُوا: ضَلُّوا عَنَّا: يَقُولُ: عَدَلُوا عَنَّا، فَأَخَذُوا غَيْرَ طَرِيقِنَا، وَتَرَكُونَا فِي هَذَا الْبَلَاءِ، بَلْ مَا ضَلُّوا عَنَّا، وَلَكِنَّا لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ فِي الدُّنْيَا شَيْئًا: أَيْ لَمْ نَكُنْ نَعْبُدُ شَيْئًا؛ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ} [غافر: 74] يَقُولُ: كَمَا أَضَلَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ضَلَّ عَنْهُمْ فِي جَهَنَّمَ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الدُّنْيَا مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَوْثَانِ آلِهَتِهِمْ وَأَوْثَانِهِمْ، كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ أَهْلَ الْكُفْرِ بِهِ عَنْهُ، وَعَنْ رَحْمَتِهِ وَعِبَادَتِهِ، فَلَا يَرْحَمُهُمْ فَيُنَجِّيهِمْ مِنَ النَّارِ، وَلَا يُغِيثُهُمْ فَيُخَفِّفُ عَنْهُمْ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015