القول في تأويل قوله تعالى: هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون يقول تعالى ذكره آمرا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتنبيه مشركي قومه على حججه

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [غافر: 67] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ آمِرًا نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَنْبِيهِ مُشْرِكِي قَوْمِهِ عَلَى حُجَجِهِ عَلَيْهِمْ فِي وَحْدَانِيَّتِهِ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِقَوْمِكَ: أُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ الَّذِي صِفَتُهُ هَذِهِ الصِّفَاتُ. وَهِيَ أَنَّهُ خَلَقَ أَبَاكُمْ آدَمَ {مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ} [آل عمران: 59] خَلَقَكُمْ {مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} [الحج: 5] بَعْدَ أَنْ كُنْتُمْ نُطَفًا {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [غافر: 67] مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ صِغَارًا، {ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} [الحج: 5] فَتَتَكَامَلُ قُوَاكُمْ، وَيَتَنَاهَى شَبَابُكُمْ، وَتَمَامُ خَلْقِكُمْ شُيُوخًا {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ} [غافر: 67] أَنْ يَبْلُغَ الشَّيْخُوخَةَ {وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى} [غافر: 67] يَقُولُ: وَلِتَبْلُغُوا مِيقَاتًا مُؤَقَّتًا لِحَيَاتِكُمْ، وَأَجَلًا مَحْدُودًا لَا تُجَاوِزُونَهُ، وَلَا تَتَقَدَّمُونَ قَبْلَهُ {وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [غافر: 67] يَقُولُ: وَكَيْ تَعْقِلُوا حُجَجَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ، وَتَتَدَبَّرُوا آيَاتِهِ فَتَعْرِفُوا بِهَا أَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ فَعَلَ ذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015