القول في تأويل قوله تعالى: الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون يقول تعالى ذكره: الله الذي لا تصلح الألوهة إلا له، ولا تنبغي العبادة لغيره، الذي صفته أنه جعل لكم أيها الناس الليل سكنا

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} [غافر: 61] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اللَّهُ الَّذِي لَا تَصْلُحُ الْأُلُوهَةُ إِلَّا لَهُ، وَلَا تَنْبَغِي الْعِبَادَةُ لِغَيْرِهِ، الَّذِي صِفَتُهُ أَنَّهُ جَعَلَ لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ اللَّيْلَ سَكَنًا لِتَسْكُنُوا فِيهِ، فَتَهْدَءُوا مِنَ التَّصَرُّفِ وَالِاضْطِرَابِ لِلْمَعَاشِ، وَالْأَسْبَابُ الَّتِي كُنْتُمْ تَتَصَرَّفُونَ فِيهَا فِي نِهَارِكُمْ {وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: 67] يَقُولُ: وَجَعَلَ النَّهَارَ مُبْصِرًا مِنَ اضْطَرَبٍ فِيهِ لِمَعَاشِهِ، وَطَلَبٍ حَاجَاتِهِ، نِعْمَةً مِنْهُ بِذَلِكَ عَلَيْكُمْ {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 243] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَمُتَفَضِّلٌ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ بِمَا لَا كُفْءَ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} [البقرة: 243] يَقُولُ: وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَهُ بِالطَّاعَةِ لَهُ، وَإِخْلَاصِ الْأُلُوهَةِ وَالْعِبَادَةِ لَهُ، وَلَا يَدَّ تَقَدَّمَتْ لَهُ عِنْدَهُ اسْتَوْجَبَ بِهَا مِنْهُ الشُّكْرَ عَلَيْهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015