القول في تأويل قوله تعالى: وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون وما يستوي الأعمى الذي لا يبصر شيئا، وهو مثل الكافر الذي لا يتأمل حجج الله بعينيه، فيتدبرها ويعتبر بها، فيعلم وحدانيته وقدرته على خلق ما شاء

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ} [غافر: 58] وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى الَّذِي لَا يُبْصِرُ شَيْئًا، وَهُوَ مِثْلُ الْكَافِرِ الَّذِي لَا يَتَأَمَّلُ حُجَجَ اللَّهِ بِعَيْنَيْهِ، فَيَتَدَبَّرَهَا وَيَعْتَبِرُ بِهَا، فَيَعْلَمُ وَحْدَانِيَّتَهُ وَقُدْرَتَهُ عَلَى خَلْقِ مَا شَاءَ مِنْ شَيْءٍ، وَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُصَدِّقُ. وَالْبَصِيرُ الَّذِي يَرَى بِعَيْنَيْهِ مَا شَخَصَ لَهُمَا وَيُبْصِرُهُ، وَذَلِكَ مَثَلٌ لِلْمُؤْمِنِ الَّذِي يَرَى بِعَيْنَيْهِ حُجَجَ اللَّهِ، فَيَتَفَكَّرُ فِيهَا وَيَتَّعِظُ، وَيَعْلَمُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ تَوْحِيدِ صَانِعِهِ، وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى خَلْقِ مَا يَشَاءُ؛ يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: كَذَلِكَ لَا يَسْتَوِي الْكَافِرُ وَالْمُؤْمِنُ {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 82] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَلَا يَسْتَوِي أَيْضًا كَذَلِكَ الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، الْمُطِيعُونَ لِرَبِّهِمْ، وَلَا الْمُسِيءُ، وَهُوَ الْكَافِرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015