الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [غافر: 22] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَذَا الَّذِي فَعَلْتُ بِهَؤُلَاءِ الْأُمَمِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ مَنْ أَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ فَعَلْنَا بِهِمْ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُ اللَّهِ إِلَيْهِمْ بِالْبَيِّنَاتِ، يَعْنِي بِالْآيَاتِ الدَّالَاتِ عَلَى حَقِيقَةِ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَالِانْتِهَاءِ إِلَى طَاعَتِهِ {فَكَفَرُوا} [الصافات: 170] يَقُولُ: فَانْكَرُوا رِسَالَتَهَا، وَجَحَدُوا تَوْحِيدَ اللَّهِ، وَأَبَوْا أَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ {فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 11] يَقُولُ: فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِعَذَابِهِ فَأَهْلَكَهُمْ {إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [غافر: 22] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ ذُو قُوَّةٍ لَا يَقْهَرُهُ شَيْءٌ، وَلَا يَغْلِبُهُ، وَلَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ أَرَادَهُ، شَدِيدٌ عِقَابُهُ مَنْ عَاقَبَ مِنْ خَلْقِهِ؛ وَهَذَا وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، الْمُكَذِّبِينَ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَاحْذَرُوا أَيُّهَا الْقَوْمُ أَنْ تَسْلُكُوا سَبِيلَهُمْ فِي تَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُحُودِ تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَمُخَالَفَةِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ فَيَسْلُكُ بِكُمْ فِي تَعْجِيلِ الْهَلَاكِ لَكُمْ مَسْلَكَهُمْ