وَعِلْمًا} [غافر: 7] وَسِعَتْ رَحْمَتُكَ وَعِلْمُكَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِكَ، فَعَلِمْتَ كُلَّ شَيْءٍ، فَلَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ شَيْءٌ، وَرَحَمْتَ خَلْقَكَ، وَوَسَعِتْهَمُ بِرَحْمَتِكَ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ نَصْبِ الرَّحْمَةِ وَالْعِلْمِ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: انْتِصَابُ ذَلِكَ كَانْتِصَابُ لَكَ مِثْلُهُ عَبْدًا، لِأَنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَهُوَ مَفْعُولٌ لَهُ، وَالْفَاعِلُ التَّاءُ، وَجَاءَ بِالرَّحْمَةِ وَالْعِلْمِ تَفْسِيرًا، وَقَدْ شُغِلَتْ عَنْهُمَا بِالْفِعْلِ كَمَا شُغِلَتِ الْمِثْلُ بِالْهَاءِ، فَلِذَلِكَ نَصَبْتُهُ تَشْبِيهًا بِالْمَفْعُولِ بَعْدَ الْفَاعِلِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مِنَ الْمَنْقُولِ، وَهُوَ مُفَسِّرٌ، وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ وَعِلْمُهُ، وَوَسِعَ هُوَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً، كَمَا تَقُولُ: طَابَتْ بِهِ نَفْسِي، وَطِبْتُ بِهِ نَفْسًا، وَقَالَ: أَمَا لَكَ مِثْلُهُ عَبْدًا، فَإِنَّ الْمَقَادِيرَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعْلُومَةً مِثْلُ عِنْدِي رِطْلُ زَيْتًا، وَالْمِثْلُ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَلَكِنْ لَفْظَهُ لَفْظُ الْمَعْرِفَةِ وَالْعَبْدُ نَكِرَةٌ، فَلِذَلِكَ نَصَبَ الْعَبْدَ، وَلَهُ أَنْ يَرْفَعَ، وَاسْتُشْهِدَ لِقِيلِهِ ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:

[البحر الكامل]

مَا فِي مَعَدٍّ وَالْقَبَائِلِ كُلِّهَا ... قَحْطَانُ مِثْلُكَ وَاحِدٌ مَعْدُودُ

وَقَالَ: رَدَّ الْوَاحِدَ عَلَى مِثْلُ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ، قَالَ: وَلَوْ قُلْتَ: مَا مِثْلُكَ رَجُلٌ، وَمِثْلُكَ رَجُلٌ، وَمِثْلُكَ رَجُلًا، جَازَ، لِأَنَّ مِثْلَ يَكُونُ نَكِرَةٌ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُهَا مَعْرِفَةً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015