وقوله: تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم يقول الله تعالى ذكره: من الله العزيز في انتقامه من أعدائه، العليم يما يعملون من الأعمال وغيرها تنزيل هذا الكتاب؛ فالتنزيل مرفوع بقوله: من الله وفي قوله: غافر الذنب وجهان؛ أحدهما: أن يكون بمعنى يغفر ذنوب

وَقَوْلُهُ: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [غافر: 2] يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ فِي انْتِقَامِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ، الْعَلِيمُ يما يَعْمَلُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ وَغَيْرِهَا تَنْزِيلُ هَذَا الْكِتَابِ؛ فَالتَّنْزِيلُ مَرْفُوعٌ بِقَوْلِهِ: {مِنَ اللَّهِ} [البقرة: 61] وَفِي قَوْلِهِ: {غَافِرُ الذَّنْبِ} [غافر: 3] وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى يَغْفِرُ ذُنُوبَ الْعِبَادِ، وَإِذَا أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى، كَانَ خَفْضُ غَافِرُ وَقَابِلُ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا مِنْ نِيَّةِ تَكْرِيرِ مِنْ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ حِينَئِذٍ: تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، مِنْ غَافِرِ الذَّنْبِ، وَقَابِلِ التَّوْبِ، لِأَنَّ غَافِرَ الذَّنْبِ نَكِرَةٌ، وَلَيْسَ بِالْأَفْصحِ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِلْمَعْرِفَةِ، وَهُوَ نَكِرَةٌ، وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ أَجْرَى فِي إِعْرَابِهِ، وَهُوَ نَكِرَةٌ عَلَى إَعْرَابِ الْأَوَّلِ كَالنَّعْتِ لَهُ، لِوُقُوعِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: {ذِي الطَّوْلِ} [غافر: 3] وَهُوَ مَعْرِفَةٌ. . وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُتْبِعَ إِعْرَابُهُ وَهُوَ نَكِرَةٌ إَعْرَابَ الْأَوَّلِ، إِذْ كَانَ مَدْحًا، وَكَانَ الْمَدْحُ يَتْبَعُ إِعْرَابُهُ مَا قَبْلَهُ أَحْيَانًا، وَيُعْدَلُ بِهِ عَنْ إَعْرَابِ الْأَوَّلِ أَحْيَانًا بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

[البحر الكامل]

لَا يَبْعَدَنْ قَوْمِي الَّذِينَ هُمُ ... سَمُّ الْعُدَاةِ وَآفَةُ الْجُزُرِ

النَّازِلِينَ بِكُلِّ مُعْتَرَكٍ ... وَالطَّيِّبِينَ مَعَاقِدَ الْأُزُرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015