الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَفَغَيْرُ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِمُشْرِكِي قَوْمِكَ، الدَّاعِيكَ إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ} [الأنعام: 114] أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ بِاللَّهِ {تَأْمُرُونِّيَ} [الزمر: 64] أَنْ {أَعْبُدُ} [الأنعام: 56] وَلَا تَصْلُحُ الْعِبَادَةُ لِشَيْءٍ سِوَاهُ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْعَامِلِ، فِي قَوْلِهِ {أَفَغَيْرَ} [آل عمران: 83] النَّصْبَ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي، يَقُولُ: أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَعْبُدُ تَأْمُرُونِّي، كَأَنَّهُ أَرَادَ الْإِلْغَاءَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، كَمَا تَقُولُ: ذَهَبَ فَلَأَنٌ يَدْرِي، جَعَلَهُ عَلَى مَعْنَى فَمَا يَدْرِي وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: غَيْرَ مُنْتَصِبَةٌ بِأَعْبُدُ، وَأَنْ تُحْذَفُ وَتُدْخَلُ، لِأَنَّهَا عَلَمٌ لِلِاسْتِقْبَالِ، كَمَا تَقُولُ: أُرِيدُ أَنْ أَضْرِبَ، وَأُرِيدُ أَضْرِبَ، وَعَسَى أَنْ أَضْرِبَ، وَعَسَى أَضْرِبَ، فَكَانَتْ فِي طَلَبِهَا الِاسْتِقْبَالَ، كَقَوْلِكَ: زَيْدًا سَوْفَ أَضْرِبُ، فَلِذَلِكَ حُذِفَتْ وَعَمِلَ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا، وَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى اللَّغْوِ