{وَجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر: 60] ؛ وَالْوُجُوهُ وَإِنْ كَانَتْ مَرْفُوعَةً بِمُسْوَدَّةٌ، فَإِنَّ فِيهَا مَعْنَى نَصْبٍ، لِأَنَّهَا مَعَ خَبَرِهَا تَمَامُ تَرَى وَلَوْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ مُسْوَدَّةٌ قَبْلَ الْوجُوهِ، كَانَ نَصْبًا، وَلَوْ نَصَبَ الْوجُوهَ الْمُسْوَدَّةَ نَاصِبٌ فِي الْكَلَامِ لَا فِي الْقُرْآنِ، إِذَا كَانَتِ الْمُسْوَدَّةُ مُؤْخِرَةً كَانَ جَائِزًا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
ذَرِينِي إِنَّ أَمْرَكِ لَنْ يُطَاعَا ... وَمَا أَلْفَيْتَنِي حِلْمِي مُضَاعَا
فَنُصِبَ الْحِلْمُ وَالْمُضَاعُ عَلَى تَكْرِيرِ أَلْفَيْتَنِي، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ فِي كُلِّ مَا احْتَاجَ إِلَى اسْمٍ وَخَبَرٍ، مِثْلُ ظَنَّ وَأَخَوَاتِهَا؛ وَفِي مُسْوَدَّةٌ لِلْعَرَبِ لُغَتَانِ: مُسْوَدَّةٌ، وَمُسْوَادَّةٌ، وَهِيَ فِي أَهْلِ الْحِجَازِ يَقُولُونَ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُمْ: قَدِ اسْوَادَّ وَجْهُهُ، وَاحْمَارَّ، وَاشْهَابَّ وَذَكَرَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَكُونُ افْعَالَّ إِلَّا فِي ذِي اللَّوْنِ الْوَاحِدِ نَحْوَ الْأَشْهَبِ، قَالَ: وَلَا يَكُونُ فِي نَحْوِ الْأَحْمَرِ؛ لِأَنَّ الْأَشْهَبَ لَوْنٌ يُحْدَثُ، وَالْأَحْمَرُ لَا يُحْدَثُ