القول في تأويل قوله تعالى: تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون يقول

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصَا لَّهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: 2] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} [السجدة: 2] الَّذِي نَزَّلْنَاهُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ {مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ} [الزمر: 1] فِي انْتِقَامِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ {الْحَكِيمِ} [البقرة: 32] فِي تَدْبِيرِهِ خَلْقَهُ، لَا مِنْ غَيْرِهِ، فَلَا تَكُونَنَّ فِي شَكٍّ مِنْ ذَلِكَ؛ وَرُفِعَ قَوْلُهُ: {تَنْزِيلُ} [السجدة: 2] بِقَوْلِهِ: {مِنَ اللَّهِ} [البقرة: 61] وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ وَجَائِزٌ رَفْعُهُ بِإِضْمَارِ هَذَا، كَمَا قِيلَ: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا} [النور: 1] غَيْرَ أَنَّ الرَّفْعَ فِي قَوْلِهِ: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} [السجدة: 2] بِمَا بَعْدَهُ أَحْسَنُ مِنْ رَفْعِ سُورَةٌ بِمَا بَعْدَهَا، لِأَنَّ تَنْزِيلُ وَإِنْ كَانَ فِعْلًا، فَإِنَّهُ إِلَى الْمَعْرِفَةِ أَقْرَبُ، إِذْ كَانَ مُضَافًا إِلَى مَعْرِفَةٍ، فَحَسَنٌ رَفْعُهُ بِمَا بَعْدَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْحَسَنِ فِي «سُورَةٌ» ، لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015