الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ دَاوُدُ لِلْخَصْمِ الْمُتَظَلِّمِ مِنْ صَاحِبِهِ: لَقَدْ ظَلَمَكَ صَاحِبُكَ بِسُؤَالِهِ نَعْجَتَكَ إِلَى نِعَاجِهِ؛ وَهَذَا مِمَّا حُذِفَتْ مِنْهُ الْهَاءُ فَأُضِيفَ بِسُقُوطِ الْهَاءِ مِنْهُ إِلَى الْمَفْعُولِ بِهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} [فصلت: 49] وَالْمَعْنَى: مِنْ دُعَائِهِ بِالْخَيْرِ، فَلَمَّا أُلْقِيَتِ الْهَاءُ مِنَ الدُّعَاءِ أُضِيفَ إِلَى الْخَيْرِ، وَأُلْقِيَ مِنَ الْخَيْرِ الْبَاءُ؛ وَإِنَّمَا كُنِيَ بِالنَّعْجَةِ هَاهُنَا عَنِ الْمَرْأَةِ، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
[البحر الكامل]
قَدْ كُنْتُ رَائِدَهَا وَشَاةِ مُحَاذِرٍ ... حَذَرًا يُقِلُّ بِعَيْنِهِ إِغْفَالَهَا