وَقَوْلُهُ: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي} [ص: 8] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا بِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ أَنْ لَا يَكُونُوا أَهْلَ عِلْمٍ بِأَنَّ مُحَمَّدًا صَادِقٌ، وَلَكِنَّهُمْ فِي شَكٍّ مِنْ وَحِينَا إِلَيْهِ، وَفِي هَذَا الْقُرْآنِ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِنَا {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} [ص: 8] يَقُولُ: بَلْ لَمْ يَنْزِلْ بِهِمْ بَأْسُنَا، فَيَذُوقُوا وَبَالَ تَكْذِيبِهِمْ مُحَمَّدًا، وَشَكِّهِمْ فِي تَنْزِيلِنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَيْهِ، وَلَوْ ذَاقُوا الْعَذَابَ عَلَى ذَلِكَ عَلِمُوا وَأَيْقَنُوا حَقِيقَةَ مَا هُمْ بِهِ مُكَذِّبُونَ، حِينَ لَا يَنْفَعُهُمْ عِلْمُهُمْ {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ} [ص: 9] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَمْ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُنْكِرِينَ وَحْيَ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدٍ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ، يَعْنِي مَفَاتِيحَ رَحْمَةِ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ، الْعَزِيزِ فِي سُلْطَانِهِ، الْوَهَّابِ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، مَا يَشَاءُ مِنْ مُلْكٍ وَسُلْطَانٍ وَنُبُوَّةٍ، فَيَمْنَعُوكَ يَا مُحَمَّدُ مَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَيْكَ مِنَ الْكَرَامَةِ، وَفَضَّلَكَ بِهِ مِنَ الرِّسَالَةِ