القول في تأويل قوله تعالى: أصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون أفلا تذكرون أم لكم سلطان مبين فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين يقول تعالى ذكره موبخا هؤلاء القائلين لله البنات من مشركي قريش: أصطفى الله أيها القوم البنات على البنين؟ والعرب إذا وجهوا

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الصافات: 154] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُوَبِّخًا هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ لِلَّهِ الْبَنَاتُ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ: {أَصْطَفَى} [الصافات: 153] اللَّهُ أَيُّهَا الْقَوْمُ {الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} [الصافات: 153] ؟ وَالْعَرَبُ إِذَا وَجَّهُوا الِاسْتِفْهَامَ إِلَى التَّوْبِيخِ اثْبَتُوا أَلِفَ الِاسْتِفْهَامِ أَحْيَانًا وَطَرَحُوهَا أَحْيَانًا، كَمَا قِيلَ: {أَذَهَبْتُمْ} [الأحقاف: 20] بِالْقَصْرِ {طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20] يَسْتَفْهِمُ بِهَا، وَلَا يَسْتَفْهِمُ بِهَا، وَالْمَعْنَى فِي الْحَالَيْنِ وَاحِدٌ، وَإِذَا لَمْ يَسْتَفْهِمْ فِي قَوْلِهِ: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ} [الصافات: 153] ذَهَبَتْ أَلِفُ اصْطَفَى فِي الْوَصْلِ، وَيُبْتَدَأُ بِهَا بِالْكَسْرِ، وَإِذَا اسْتَفْهَمَ فُتِحَتْ وَقُطِعَتْ وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ بِتَرْكِ الِاسْتِفْهَامِ وَالْوَصْلِ فَأَمَّا قُرَّاءُ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، فَإِنَّهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالِاسْتِفْهَامِ، وَفَتْحِ أَلِفِهِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَهِيَ الْقِرَاءَةُ الَّتِي نَخْتَارُ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَيْهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015