ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} [يس: 68] يَقُولُ: «مَنْ نَمُدَّ لَهُ فِي الْعُمُرِ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ، لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا، يَعْنِي الْهَرَمَ» وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {نُنَكِّسْهُ} [يس: 68] فَقَرَأَهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ -[479]- وَالْبَصْرَةِ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ: «نَنْكِسْهُ» بِفَتْحِ النُّونِ الْأُولَى وَتَسْكِينِ الثَّانِيَةِ، وَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: {نُنَكِّسْهُ} [يس: 68] بِضَمِّ النُّونِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ، وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ، فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ، غَيْرَ أَنَّ الَّتِيَ عَلَيْهَا عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ أَعْجَبُ إِلَيَّ، لِأَنَّ التَّنْكِيسَ مِنَ اللَّهِ فِي الْخَلْقِ إِنَّمَا هُوَ حَالٌ بَعْدَ حَالٍ، وَشَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ، فَذَلِكَ تَأْيِيدٌ لِلتَّشْدِيدِ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {أَفَلَا يَعْقِلُونَ} [يس: 68] فَقَرَأَتْهُ قُرَّاءُ الْمَدِينَةِ: (أَفَلَا تَعْقِلُونَ) بِالتَّاءِ عَلَى وَجْهِ الْخِطَابِ وَقَرَأَتْهُ قُرَّاءُ الْكُوفَةِ بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ، وَقِرَاءَةُ ذَلِكَ بِالْيَاءِ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ، لِأَنَّهُ احْتِجَاجٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} [يس: 66] فِإِخْرَاجُ ذَلِكَ خَبَرًا عَلَى نَحْوِ مَا خَرَجَ قَوْلُهُ: {لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} [يس: 66] أَعْجَبُ إِلَيَّ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ غَيْرَ مَدْفُوعٍ وَيَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {أَفَلَا يَعْقِلُونَ} [يس: 68] أَفَلَا يَعْقِلُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَى مَا يَشَاءُ بِمُعَايَنَتِهِمْ مَا يُعَايِنُونَ مِنْ تَصْرِيفِهِ خَلْقِهِ فِيمَا شَاءَ وَأَحَبَّ مِنْ -[480]- صِغَرٍ إِلَى كِبَرٍ، وَمِنْ تَنْكِيسٍ بَعْدَ كِبَرٍ فِي هَرَمٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015