حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ -[452]- بْنِ رَافِعٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنَّ اللَّهَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ خَلَقَ الصُّورَ، فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيلَ، فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيهِ شَاخِصَا بِبَصَرِهِ إِلَى الْعَرْشِ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا الصُّورُ؟ قَالَ: «قَرْنٌ» ، قَالَ: وَكَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: " قَرْنٌ عَظِيمٌ يُنْفَخُ فِيهِ ثَلَاثَ نَفَخَاتٍ، الْأُولَى نَفْخَةُ الْفَزَعِ، وَالثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعْقِ، وَالثَّالِثَةُ نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، يَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى فَيَقُولُ: انْفُخْ نَفْخَةَ الْفَزَعِ، فَيَفْزَعُ أَهْلُ السَّمَوَاتِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، وَيَأْمُرُهُ اللَّهُ فَيُدِيمُهَا وَيُطَوِّلُهَا، فَلَا يَفْتُرُ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ: {مَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} [ص: 15] ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ إِسْرَافِيلَ بِنَفْخَةِ الصَّعْقِ، فَيَقُولُ: انْفُخُ نَفْخَةَ الصَّعْقِ، فَيُصْعَقُ أَهْلُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ، ثُمَّ يُمِيتُ مَنْ بَقِيَ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ، بَدَّلَ الْأَرْضَ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ فَيُبْسِطُهَا وَيَسْتَطِحُهَا وَيَمُدُّهَا مَدَّ الْأَدِيمِ الْعِكَاظِيِّ، لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا، ثُمَّ يَزْجُرُ اللَّهُ الْخَلْقَ زَجْرَةً، فَإِذَا هُمْ فِي هَذِهِ الْمُبَدَّلَةِ فِي مِثْلِ مَوَاضِعِهِمْ مِنَ الْأُولَى مَا كَانَ فِي بَطْنِهَا كَانَ فِي بَطْنِهَا، وَمَا كَانَ عَلَى ظَهْرِهَا كَانَ عَلَى ظَهْرِهَا " وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ: {وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} [يس: 49] فَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ: (وَهُمْ يَخْصِّمُونَ) بِسِكُونِ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الصَادِ، فَجَمَعَ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ، بِمَعْنَى: يَخْتَصِمُونَ، ثُمَّ أَدْغَمَ التَّاءَ فِي الصَادِ فَجَعَلَهَا صَادًا مُشَدَّدَةً، وَتَرَكَ الْخَاءَ عَلَى سُكُونِهَا فِي الْأَصْلِ -[453]- وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ: (وَهُمْ يَخَصِّمُونَ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الصَادِ بِمَعْنَى: يَخْتَصِمُونَ، غَيْرَ أَنَّهُمْ نَقَلُوا حَرَكَةَ التَّاءِ وَهِيَ الْفَتْحَةُ الَّتِي فِي يَفْتَعِلُونَ إِلَى الْخَاءِ مِنْهَا، فَحَرَّكُوهَا بِتَحْرِيكِهَا، وَأَدْغَمُوا التَّاءَ فِي الصَادِ وَشَدَّدُوهَا وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ: {يَخِصِّمُونَ} [يس: 49] بِكَسْرِ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الصَادِ، فَكَسَرُوا الْخَاءَ بِكَسْرِ الصَادِ وَأَدْغَمُوا التَّاءَ فِي الصَادِ وَشَدَّدُوهَا وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: (يَخْصِمُونَ) بِسِكُونِ الْخَاءِ وَتَخْفِيفِ الصَادِ، بِمَعْنَى يَفْعَلُونَ مِنَ الْخُصُومَةِ، وَكَأَنَّ مَعْنَى قَارِئِ ذَلِكَ كَذَلِكَ: كَأَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ، أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ عِنْدَهُ: كَانَ وَهُمْ عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ يَخْصِمُونَ مِنْ وَعْدِهِمْ مَجِيءَ السَّاعَةِ، وَقِيَامَ الْقِيَامَةِ، وَيَغْلِبُونَهُ بِالْجَدَلِ فِي ذَلِكَ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّ هَذِهِ قِرَاءَاتٌ مَشْهُورَاتٌ مَعْرُوفَاتٌ فِي قُرَّاءِ الْأَمْصَارِ، مُتَقَارِبَاتُ الْمَعَانِي، فَبِأَيَّتِهِنَّ قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ