وَقَوْلُهُ: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} [الأنعام: 4] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا تَجِيءُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ آيَةٌ، يَعْنِي حُجَّةً مِنْ حُجَجِ اللَّهِ، وَعَلَامَةً مِنْ عَلَامَاتِهِ عَلَى حَقِيقَةِ تَوْحِيدِهِ، وَتَصْدِيقِ رَسُولِهِ، إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ، لَا يَتَفَكَّرُونَ فِيهَا، وَلَا يَتَدَبَّرُونَهَا، فَيَعْلَمُوا بِهَا مَا احْتَجَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَأَيْنَ جَوَابُ قَوْلِهِ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ: اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ} [يس: 45] قِيلَ: جَوَابُهُ وُجَوَابُ قَوْلِهِ {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ} [الأنعام: 4] قَوْلُهُ: {إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} [الأنعام: 4] لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ مِنْهُمْ كَانَ عَنْ كُلِّ آيَةٍ لِلَّهِ، فَاكْتَفَى بِالْجَوَابِ عَنْ قَوْلِهِ: {اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ} [يس: 45] وَعَنْ قَوْلِهِ: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ} [الأنعام: 4] بِالْخَبَرِ عَنْ إِعْرَاضِهِمْ عَنْهَا لِذَلِكَ، لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ: اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمُ اعْرَضُوا، وَإِذَا أَتَتْهُمْ آيَةٌ اعْرَضُوا