الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَوَلَمْ يَسِرْ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي أَهْلَكْنَا أَهْلَهَا بِكُفْرِهِمْ بِنَا وَتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَنَا، فَإِنَّهُمْ تُجَّارٌ يَسْلُكُونَ طَرِيقَ الشَّامِ {فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [يوسف: 109] مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي كَانُوا يَمُرُّونَ بِهَا أَلَمْ نُهْلِكْهُمْ وَنُخَرِّبْ مَسَاكِنَهُمْ وَنَجْعَلْهُمْ مَثَلًا لِمَنْ بَعْدَهُمْ، فَيَتَّعِظُوا بِهِمْ، وَيَنْزَجِرُوا عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْآلِهَةِ بِالشِّرْكِ بِاللَّهِ، وَيَعْلَمُوا أَنَّ الَّذِيَ فَعَلَ بِأُولَئِكَ مَا فَعَلَ {وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فاطر: 44] وَبَطْشًا لَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمْ مِثْلَ الَّذِي فَعَلَ بِأُولَئِكَ مِنْ تَعْجِيلِ النِّقْمَةِ، وَالْعَذَابِ لَهُمْ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: {وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فاطر: 44] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ