فَيَقْذِفُهُ إِلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: 109] يَقُولُ: عَلَّامُ مَا يَغِيبُ عَنِ الْأَبْصَارِ، وَلَا مَظْهَرَ لَهَا، وَمَا لَمْ يَكُنْ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ، وَذَلِكَ مِنْ صِفَةِ الرَّبِّ؛ غَيْرَ أَنَّهُ رُفِعَ لِمَجِيئِهِ بَعْدَ الْخَبَرِ، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ إِذَا وَقَعَ النَّعْتُ بَعْدَ الْخَبَرِ، فِي أَنِ اتْبَعُوا النَّعْتَ أَعْرَابَ مَا فِي الْخَبَرِ، فَقَالُوا: إِنَّ أَبَاكَ يَقُومُ الْكَرِيمُ، فَرَفَعَ الْكَرِيمَ عَلَى مَا وَصَفْتُ، وَالنَّصْبُ فِيهِ جَائِزٌ، لِأَنَّهُ نَعْتٌ لِلْأَبٍ، فَيَتْبَعُ إِعْرَابَهُ {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ} [سبأ: 49] يَقُولُ: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: جَاءَ الْقُرْآنُ وَوَحْيُ اللَّهِ {وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ} [سبأ: 49] يَقُولُ: وَمَا يُنْشِئُ الْبَاطِلُ خَلْقًا؛ وَالْبَاطِلُ هُوَ فِيمَا فَسَّرَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ: إِبْلِيسُ {وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49] يَقُولُ: وَلَا يُعِيدُهُ حَيًّا بَعْدَ فَنَائِهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ