القول في تأويل قوله تعالى: وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون يقول تعالى ذكره: وقال أهل الاستكبار على الله من كل قرية أرسلنا فيها نذيرا لأنبيائنا ورسلنا: نحن أكثر أموالا وأولادا

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سبأ: 36] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَالَ أَهْلُ الِاسْتِكْبَارِ عَلَى اللَّهِ مِنْ كُلِّ قَرْيَةٍ أَرْسَلْنَا فِيهَا نَذِيرًا لِأَنْبِيَائِنَا وَرُسِلِنَا: {نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا} [سبأ: 35] وَمَا نَحْنُ فِي الْآخِرَةِ {بِمُعَذَّبِينَ} [الشعراء: 138] لِأَنَّ اللَّهَ لَوْ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا مَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الْمِلَّةِ وَالْعَمَلِ لَمْ يُخَوِّلْنَا الْأَمْوَالَ وَالْأَوْلَادَ، وَلَمْ يَبْسُطْ لَنَا فِي الرِّزْقِ، وَإِنَّمَا أَعْطَانَا مَا أَعْطَانَا مِنْ ذَلِكَ لِرِضَاهُ أَعْمَالَنَا، وَآثَرَنَا بِمَا آثَرَنَا عَلَى غَيْرِنَا لِفَضْلِنَا، وَزُلْفَةٍ لَنَا عِنْدَهُ، يَقُولُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: {إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ} [سبأ: 36] مِنَ الْمَعَاشِ وَالرِّيَاشِ فِي الدُّنْيَا {لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261] مِنْ خَلْقِهِ {وَيَقْدِرُ} [الرعد: 26] فَيُضَيَّقُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ لَا لِمَحَبَّةٍ فِيمَنْ يَبْسُطُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا خَيْرٍ فِيهِ وَلَا زُلْفَةٍ لَهُ، اسْتَحَقَّ بِهَا مِنْهُ، وَلَا لِبُغْضٍ مِنْهُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَا مَقْتٍ، وَلَكِنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِحْنَةً لِعِبَادِهِ وَابْتِلَاءً، وَأَكْثَرُ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ذَلِكَ اخْتِبَارًا لِعِبَادِهِ، وَلَكِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ مَحَبَّةٌ لِمَنْ بَسَطَ لَهُ وَمَقْتٌ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015