القول في تأويل قوله تعالى: وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين يقول تعالى ذكره: ويستعجلك يا محمد الذين جحدوا قدرة الله على إعادة خلقه

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَيَسْتَعْجِلُكَ يَا مُحَمَّدُ الَّذِينَ جَحَدُوا قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَى إِعَادَةِ خَلْقِهِ بَعْدَ فَنَائِهِمْ بِهَيْئَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا بِهَا مِنْ قَبْلِ فَنَائِهِمْ مِنْ قَوْمِكَ بِقِيَامِ السَّاعَةِ، اسْتِهْزَاءً بِوَعْدِكَ إِيَّاهُمْ، وَتَكْذِيبًا لِخَبَرِكَ، قُلْ لَهُمْ: بَلَى تَأْتِيكُمْ وَرَبِّي، قَسْمًا بِهِ لَتَأْتِيَنَّكُمُ السَّاعَةُ، ثُمَّ عَادَ جَلَّ جَلَالُهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ السَّاعَةَ عَلَى نَفْسِهِ، وَتَمْجِيدِهَا، فَقَالَ: {عَالِمِ الْغَيْبِ} [الأنعام: 73] وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ: (عَالِمُ الْغَيْبِ) عَلَى مِثَالِ فَاعِلِ، بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، إِذْ دَخَلَ بَيْنَ قَوْلِهِ: {وَرَبِّي} [يونس: 53] ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: {عَالِمِ الْغَيْبِ} [الأنعام: 73] كَلَامٌ حَائِلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ قُرَّاءُ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، عَالِمَ عَلَى مِثَالِ فَاعِلِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ خَفَضُوا عَالِمِ رَدًّا مِنْهُمْ لَهُ عَلَى قَوْلِهِ {وَرَبِّي} [يونس: 53] إِذْ كَانَ مِنْ صِفَتِهِ وَقَرَأَ ذَلِكَ بَقِيَّةُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015