يُقَالَ: مُسْتَأْنِسِينَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَطْفًا عَلَى مَعْنَى نَاظِرِينَ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ لَا نَاظِرِينَ إِنَاهُ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: {وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ} [الأحزاب: 53] نَصْبًا حِينَئِذٍ، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا حَالَتْ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، فَتَرُدُّ أَحْيَانًا عَلَى لَفْظِ الْأَوَّلِ، وَأَحْيَانًا عَلَى مَعْنَاهُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفَرَّاءُ أَنَّ أَبَا الْقَمْقَامِ أَنْشَدَهُ:

[البحر الطويل]

أَجِدْكَ لَسْتَ الدَّهْرَ رَائِيَ رَامَةٍ ... وَلَا عَاقِلٍ إِلَّا وَأَنْتَ جَنِيبُ

وَلَا مُصْعِدٍ فِي الْمُصْعِدِينَ لَمِنْعَجٍ ... وَلَا هَابِطًا مَا عِشْتُ هَضْبَ شَطِيبِ

فَرَدَّ مُصْعِدٌ عَلَى أَنَّ رَائِيَ فِيهِ بَاءٌ خَافِضَةٌ، إِذْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُصْعِدِ مِمَّا حَالَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْكَلَامِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} [الأحزاب: 53] وَلَا مُتَحَدِّثِينَ بَعْدَ فَرَاغِكُمْ مِنْ أَكَلِ الطَّعَامِ إِينَاسًا مِنْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ بِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015