يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} [البقرة: 16] أُولَئِكَ الَّذِينَ أَخَذُوا الضَّلَالَةَ وَتَرَكُوا الْهُدَى، وَأَخَذُوا مَا يُوجِبُ لَهُمْ عَذَابَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَرَكُوا مَا يُوجِبُ لَهُمْ غُفْرَانَهُ وَرِضْوَانَهُ. فَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْعَذَابِ وَالْمَغْفِرَةِ مِنْ ذِكْرِ السَّبَبِ الَّذِي يُوجِبُهُمَا لِفَهْمِ سَامِعِي ذَلِكَ لِمَعْنَاهُ وَالْمُرَادُ مِنْهُ. وَقَدْ بَيَّنَّا نَظَائِرَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى، وَكَذَلِكَ بَيَّنَّا وَجْهَ: {اشْتَرُوا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} [البقرة: 16] بِاخْتِلَافِ الْمُخْتَلِفِينَ وَالدَّلَالَةِ الشَّاهِدَةِ بِمَا اخْتَرْنَا مِنَ الْقَوْلِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ فَكَرِهْنَا إِعَادَتَهُ