ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ " {إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 6] يَقُولُ: إِلَّا أَنْ تُوصُوا لَهُمْ ". -[21]- وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمُ الَّذِينَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مَعْرُوفًا مِنَ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ وَالنُّصْرَةِ وَالْعَقْلِ عَنْهُمْ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعْرُوفِ الَّذِي قَدْ حَثَّ اللَّهُ عَلَيْهِ عِبَادَهُ. وَإِنَّمَا اخْتَرْتُ هَذَا الْقَوْلَ، وَقُلْتُ: هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ قِيلِ مَنْ قَالَ: عَنَى بِذَلِكَ الْوَصِيَّةَ لِلْقَرَابَةِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ لِأَنَّ الْقَرِيبَ مِنَ الْمُشْرِكِ وَإِنْ كَانَ ذَا نَسَبٍ فَلَيْسَ بِالْمَوْلَى وَذَلِكَ أَنَّ الشِّرْكَ يَقْطَعُ وِلَايَةَ مَا بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُشْرِكِ، وَقَدْ نَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا بِقَوْلِهِ: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1] ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنِ اتِّخَاذِهِمْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ يَصِفُهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِأَنَّهُمْ لَهُمْ أَوْلِيَاءُ. وَمَوْضِعُ أَنْ مِنْ قَوْلِهِ {إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا} [الأحزاب: 6] نَصْبٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ. وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمُ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأُولِي أَرْحَامٍ مِنْكُمْ مَعْرُوفًا.