الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الأحزاب: 1] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: 1] بِطَاعَتِهِ وَأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَوَاجِبِ حُقُوقِهِ عَلَيْكَ وَالِانْتِهَاءِ عَنْ مَحَارِمِهِ وَانْتِهَاكِ حُدُودِهِ {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ} [الأحزاب: 1] الَّذِينَ يَقُولُونَ لَكَ: اطْرُدْ عَنْكَ أَتْبَاعَكَ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِكَ حَتَّى نُجَالِسَكَ {وَالْمُنَافِقِينَ} [التوبة: 73] الَّذِينَ يُظْهِرُونَ لَكَ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَالنَّصِيحَةَ لَكَ، وَهُمْ لَا يَأْلُونَكَ وَأَصْحَابَكَ وَدِينَكَ خَبَالًا، فَلَا تَقْبَلْ مِنْهُمْ رَأْيًا، وَلَا تَسْتَشِرْهُمْ مُسْتَنْصِحًا بِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَكَ أَعْدَاءُ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 11] يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ ذُو عِلْمٍ بِمَا تُضْمِرُهُ نُفُوسُهُمْ، وَمَا الَّذِي يَقْصِدُونَ فِي إِظْهَارِهِمْ لَكَ النَّصِيحَةَ، مَعَ الَّذِي يَنْطَوُونَ لَكَ عَلَيْهِ، حَكِيمٌ فِي تَدْبِيرِ أَمْرِكَ وَأَمْرِ أَصْحَابِكَ وَدِينِكَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَدْبِيرِ جَمِيعِ خَلْقِهِ. {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكِ} [الأحزاب: 2] يَقُولُ: وَاعْمَلْ بِمَا يُنَزِّلُ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنْ وَحْيِهِ، وآيِ كِتَابِهِ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 94]