الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا، فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ تَرَى يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ {أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [السجدة: 10] إِذْ هُمْ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ حَيَاءً مِنْ رَبِّهِمْ، لِلَّذِي سَلَفَ مِنْهُمْ مِنْ مَعَاصِيهِ فِي الدُّنْيَا، يَقُولُونَ: يَا {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا} [السجدة: 12] مَا كُنَّا نُكَذِّبُ بِهِ مِنْ عِقَابِكَ أَهْلَ مَعَاصِيكَ {وَسَمِعْنَا} [السجدة: 12] مِنْكَ تَصْدِيقَ مَا كَانَتْ رُسُلُكَ تَأْمُرُنَا بِهِ فِي الدُّنْيَا، {فَارْجِعْنَا} [السجدة: 12] يَقُولُ: فَارْدُدْنَا إِلَى الدُّنْيَا نَعْمَلْ فِيهَا بِطَاعَتِكَ، وَذَلِكَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ {إِنَّا مُوقِنُونَ} [السجدة: 12] يَقُولُ: إِنَّا قَدْ أَيْقَنَّا الْآنَ مَا كُنَّا بِهِ فِي الدُّنْيَا جُهَّالًا مِنْ وَحْدَانِيَّتِكَ، وَأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُعْبَدَ سِوَاكَ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَبٌّ سِوَاكَ، وَأَنَّكَ تُحْيِي وَتُمِيتُ، وَتَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ بَعْدَ الْمَمَاتِ وَالْفَنَاءِ، وَتَفْعَلُ مَا تَشَاءُ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: {نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ} قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.