وَقَوْلُهُ: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} [يونس: 38] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَقُولُ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ: اخْتَلَقَ هَذَا الْكِتَابَ مُحَمَّدٌ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَتَكَذَّبَهُ؛ وَ «أَمْ» هَذِهِ تَقْرِيرٌ، وَقَدْ بَيَّنَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا أَنَّ الْعَرَبَ إِذَا اعْتَرَضَتْ بِالِاسْتِفْهَامِ فِي أَضْعَافِ كَلَامٍ قَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُ أَنْ يَسْتَفْهِمَ بِـ: أَمْ. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: وَيَقُولُونَ. وَقَالَ: أَمْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، بِمَعْنَى: بَلْ، فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ، ثُمَّ أَكْذَبَهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَقَالَ: مَا هُوَ كَمَا تَزْعُمُونَ وَتَقُولُونَ، مِنْ أَنَّ مُحَمَّدًا افْتَرَاهُ، بَلْ هُوَ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ مِنْ عِنْدِ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ، أَنْزَلَهُ إِلَيْكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا بَأْسَ اللَّهِ وَسَطْوَتَهُ، أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِهِ {مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} [القصص: 46] يَقُولُ: لَمْ يَأْتِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ أَرْسَلَكَ رَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ إِلَيْهِمْ، وَهُمْ قَوْمُهُ مِنْ قُرَيْشٍ، نَذِيرٌ يُنْذِرُهُمْ بَأْسَ اللَّهِ عَلَى كُفْرِهِمْ قَبْلَكَ. وَقَوْلُهُ: {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [الأنبياء: 31] يَقُولُ: لِيَتَبَيَّنُوا سَبِيلَ الْحَقِّ فَيَعْرِفُوهُ وَيُؤْمِنُوا بِهِ. وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.