وَقَوْلُهُ: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ} [النمل: 81] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ بِمُسَدِّدٍ مَنْ أَعْمَاهُ اللَّهُ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ، وَمَحَجَّةِ الْحَقِّ، فَلَمْ يُوَفِّقْهُ لِإِصَابَةِ -[525]- الرُّشْدِ، فَصَارِفُهُ عَنْ ضَلَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، وَرُكُوبِهِ الْجَائِرَ مِنَ الطُّرُقِ، إِلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ، يَقُولُ: لَيْسَ ذَلِكَ بِيَدِكَ وَلَا إِلَيْكَ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرِي، لِأَنِّي الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَقِيلَ: بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ، وَلَمْ يَقُلْ: مِنْ ضَلَالَتِهِمْ. لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ مَا وَصَفْتُ، مِنْ أَنَّهُ: وَمَا أَنْتَ بِصَارِفِهِمْ عَنْهُ، فَحُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى. وَلَوْ قِيلَ: مِنْ ضَلَالَتِهِمْ كَانَ صَوَابًا. وَكَانَ مَعْنَاهُ: مَا أَنْتَ بِمَانِعِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ.