القول في تأويل قوله تعالى: بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم، فمن يهدي من أضل الله، وما لهم من ناصرين يقول تعالى ذكره: ما ذلك كذلك، ولا أشرك هؤلاء المشركون في عبادة الله الآلهة والأوثان، لأن لهم شركاء فيما رزقهم الله من ملك أيمانهم، فهم وعبيدهم

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ، وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [الروم: 29] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَا ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَلَا أَشْرَكَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ الْآلِهَةَ وَالْأَوْثَانَ، لِأَنَّ لَهُمْ شُرَكَاءُ فِيمَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ مِنْ مِلْكِ أَيْمَانِهِمْ، فَهُمْ وَعَبِيدُهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ، يَخَافُونَ أَنْ يُقَاسِمُوهُمْ مَا هُمْ وَشُرَكَاؤُهُمْ فِيهِ، فَرَضُوا لِلَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بِمَا رَضُوا بِهِ لِأَنْفُسِهِمْ، فَأَشْرَكُوهُمْ فِي عِبَادَتِهِ، وَلَكِنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَكَفَرُوا بِاللَّهِ، اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ، جَهْلًا مِنْهُمْ لِحَقِّ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَأَشْرَكُوا الْآلِهَةَ وَالْأَوْثَانَ فِي عِبَادَتِهِ {فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ} [الروم: 29] يَقُولُ: فَمَنْ يُسَدِّدُ لِلصَّوَابِ مِنَ الطُّرُقِ، يَعْنِي بِذَلِكَ مَنْ يُوَفِّقُ لِلْإِسْلَامِ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ وَالرَّشَادِ؟ {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [آل عمران: 22] يَقُولُ: وَمَا لِمَنْ أَضَلَّ اللَّهُ مِنْ نَاصِرِينَ يَنْصُرُونَهُ، فَيُنْقِذُونَهُ مِنَ الضُّلَّالِ الَّذِي يَبْتَلِيهِ بِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015