ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو مِجْلَزٍ: «إِنَّ مَمْلُوكَكَ لَا تَخَافُ أَنْ يُقَاسِمُكَ مَالَكَ، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، كَذَلِكَ اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ» . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ الْقَوْلُ الثَّانِي، لِأَنَّهُ أَشْبَهَهُمَا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهَرُ الْكَلَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَبَّخَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ لَهُ مِنْ خَلْقِهِ آلِهَةً يَعْبُدُونَهَا، وَأَشْرَكُوهُمْ فِي عِبَادَتِهِمْ إِيَّاهُ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يُقِرُّونَ بِأَنَّهَا خَلْقُهُ وَهُمْ عَبِيدُهُ، وَعَيَّرَهُمْ بِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ: هَلْ لَكُمْ مِنْ عِبِيدِكُمْ شُرَكَاءُ فِيمَا خَوَّلْنَاكُمْ مِنْ نِعَمِنَا، فَهُمْ سَوَاءٌ، أَنْتُمْ فِي ذَلِكَ تَخَافُونَ أَنْ يُقَاسِمُوكُمْ ذَلِكَ الْمَالَ الَّذِي هُوَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ، كَخِيفَةِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا أَنْ يُقَاسِمَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنَ الْمَالِ شَرِكَةً، فَالْخِيفَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا تَعَالَى ذِكْرُهُ بِأَنْ تَكُونَ خِيفَةً مِمَّا يَخَافُ الشَّرِيكُ مِنْ مُقَاسَمَةِ شَرِيكِهِ الْمَالَ الَّذِي بَيْنَهُمَا إِيَّاهُ أَشْبَهَ مِنْ أَنْ تَكُونَ خِيفَةً مِنْهُ بِأَنْ يَرِثَهُ، لِأَنَّ ذِكْرَ الشَّرِكَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى خِيفَةِ الْوِرَاثَةِ، وَقَدْ يَدُلُّ عَلَى خِيفَةِ الْفِرَاقِ وَالْمُقَاسَمَةِ.