وأما قوله: ويومئذ يفرح المؤمنون. بنصر الله، ينصر من يشاء فقد ذكرنا الرواية في تأويله قبل، وبينا معناه. في أدنى الأرض من أرض الشام إلى أرض فارس وهم من بعد غلبهم يقول: والروم من بعد غلبة فارس إياهم سيغلبون فارس. في بضع سنين. لله الأمر من قبل غلبتهم

وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللَّهِ، يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ} [الروم: 5] فَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ فِي تَأْوِيلِهِ قَبْلُ، وَبَيَّنَا مَعْنَاهُ. {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} [الروم: 3] مِنْ أَرْضِ الشَّامِ إِلَى أَرْضِ فَارِسَ {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ} [الروم: 3] يَقُولُ: وَالرُّومُ مِنْ بَعْدِ غَلَبَةِ فَارِسَ إِيَّاهُمْ {سَيَغْلِبُونَ} [الروم: 3] فَارِسَ. {فِي بِضْعِ سِنِينَ. لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ} [الروم: 4] غَلَبَتِهِمْ فَارِسَ {وَمِنْ بَعْدُ} [الأعراف: 129] غَلَبَتِهِمْ إِيَّاهَا، يَقْضِي فِي خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ، وَيْحَكُمُ مَا يُرِيدُ، وَيُظْهِرُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ أَحَبَّ إِظْهَارَهُ عَلَيْهِ. {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ} [الروم: 4] يَقُولُ: وَيَوْمَ يَغْلِبُ الرُّومُ فَارِسَ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ بِنَصْرِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَنُصْرَةِ الرُّومِ عَلَى فَارِسَ {يَنْصُرُ} [الروم: 5] اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ {مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 90] مِنْ خَلْقِهِ، عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ نُصْرَةُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِبَدْرٍ {وَهُوَ الْعَزِيزُ} [إبراهيم: 4] يَقُولُ: وَاللَّهُ الشَّدِيدُ فِي انْتِقَامِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ، لَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ، وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَائِلٌ {الرَّحِيمُ} [الفاتحة: 1] بِمَنْ تَابَ مِنْ خَلْقِهِ، وَرَاجَعَ طَاعَتَهُ أَنْ يُعَذِّبَهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015