القول في تأويل قوله تعالى: ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله، قل الحمد لله، بل أكثرهم لا يعقلون يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله من قومك: من نزل من السماء

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ، قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت: 63] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَئِنْ سَأَلْتَ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ مِنْ قَوْمِكَ: مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً، وَهُوَ الْمَطَرُ الَّذِي يُنَزِّلُهُ اللَّهُ مِنَ السَّحَابِ {فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ} [البقرة: 164] يَقُولُ: فَأَحْيَا بِالْمَاءِ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ الْأَرْضَ، وَإِحْيَاؤُهَا: إِنْبَاتُهُ النَّبَاتَ فِيهَا {مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا} [العنكبوت: 63] مِنْ بَعْدِ جُدُوبِهَا وَقُحُوطِهَا، وَقَوْلُهُ: {لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [العنكبوت: 61] يَقُولُ: لَيَقُولُنَّ: الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ اللَّهُ الَّذِي لَهُ عِبَادَةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَوْلُهُ: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} [النمل: 59] يَقُولُ: وَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ، فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [العنكبوت: 63] يَقُولُ: بَلْ أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ لَا يَعْقِلُونَ مَا لَهُمْ فِيهِ النَّفْعُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ، وَمَا فِيهِ الضُّرُّ، فَهُمْ لِجَهْلِهِمْ يَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ لِعِبَادَتِهِمُ الْآلِهَةَ دُونَ اللَّهِ، يَنَالُونَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ زُلْفَةً وَقُرْبَةً، وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ بِذَلِكَ هَالِكُونَ مُسْتَوْجِبُونَ الْخُلُودَ فِي النَّارِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015