القول في تأويل قوله تعالى: وما هم بخارجين من النار يعني تعالى ذكره بذلك: وما هؤلاء الذين وصفتهم من الكفار وإن ندموا بعد معاينتهم ما عاينوا من عذاب الله، فاشتدت ندامتهم على ما سلف منهم من أعمالهم الخبيثة، وتمنوا إلى الدنيا كرة لينيبوا فيها، ويتبرءوا

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 167] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: وَمَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْتُهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَإِنْ نَدَمُوا بَعْدَ مُعَايَنَتِهِمْ مَا عَايَنُوا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، فَاشْتَدَّتْ نَدَامَتُهُمْ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْخَبِيثَةَ، وَتَمَنَّوَا إِلَى الدُّنْيَا كَرَّةً لِيُنِيبُوا فِيهَا، وَيَتَبَرَّءُوا مِنْ مُضِلِّيهِمْ وَسَادَتِهِمُ الَّذِينَ كَانُوا يُطِيعُونَهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ فِيهَا بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ الَّتِي أَصْلَاهُمُوهَا اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ بِهِ فِي الدُّنْيَا، وَلَا نَدَمُهُمْ فِيهَا بِمُنْجِيهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ حِينَئِذٍ، وَلَكِنَّهُمْ فِيهَا مُخَلَّدُونَ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الدَّلَالَةُ عَلَى تَكْذِيبِ اللَّهِ الزَّاعِمِينَ أَنَّ عَذَابَ اللَّهَ أَهْلَ النَّارِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ مُنْقَضٍ، وَأَنَّهُ إِلَى نِهَايةٍ، ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ فَانٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، ثُمَّ خَتَمَ الْخَبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ غَيْرُ خَارِجِينَ مِنَ النَّارِ بِغَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ مِنْهُ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ، فَذَلِكَ إِلَى غَيْرِ حَدٍّ وَلَا نِهَايةٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015