القول في تأويل قوله تعالى: وربك يخلق ما يشاء ويختار، ما كان لهم الخيرة، سبحان الله وتعالى عما يشركون يقول تعالى ذكره: وربك يا محمد يخلق ما يشاء أن يخلقه، ويختار لولايته الخيرة من خلقه، ومن سبقت له منه السعادة. وإنما قال جل ثناؤه ويختار ما كان لهم

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ، مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص: 68] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَرَبُّكَ} [النساء: 65] يَا مُحَمَّدُ {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [آل عمران: 47] أَنْ يَخْلُقَهُ، {وَيَخْتَارُ} [القصص: 68] لِوَلَايَتِهِ الْخِيَرَةَ مِنْ خَلْقِهِ، وَمَنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنْهُ السَّعَادَةُ. وَإِنَّمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص: 68] وَالْمَعْنَى: مَا وَصَفْتُ، لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُمْ يَخْتَارُونَ أَمْوَالَهُمْ، فَيَجْعَلُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ، فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَرَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ أَنْ يَخْلُقَهُ، وَيَخْتَارُ لِلْهِدَايَةِ وَالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ مِنْ خَلْقِهِ مَا هُوَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أَنَّهُ خِيَرَتُهُمْ، نَظِيرَ مَا كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لِآلِهَتِهِمْ خِيَارَ أَمْوَالِهِمْ، فَكَذَلِكَ اخْتِيَارِي لِنَفْسِي. وَاجْتِبَائِي لِوَلَايَتِي، وَاصْطِفَائِي لِخِدْمَتِي وَطَاعَتِي، خِيَارَ مُمْلَكَتِي وَخَلْقِي. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015