القول في تأويل قوله تعالى: وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها، فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا، وكنا نحن الوارثين يقول تعالى ذكره: وكم أهلكنا من قرية أبطرتها معيشتها، فبطرت، وأشرت، وطغت، فكفرت ربها، وقيل: بطرت معيشتها، فجعل الفعل للقرية،

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا، فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا، وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} [القصص: 58] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ أَبْطَرَتْهَا مَعِيشَتُهَا، فَبَطِرَتْ، وَأَشِرَتْ، -[290]- وَطَغَتْ، فَكَفَرَتْ رَبَّهَا، وَقِيلَ: بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا، فَجَعَلَ الْفِعْلَ لِلْقَرْيَةِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ لِلْمَعِيشَةِ، كَمَا يُقَالُ: أَسْفَهَكَ رَأْيُكَ فَسَفِهْتَهُ، وَأَبْطَرَكَ مَالُكَ فَبَطِرْتَهُ، وَالْمَعِيشَةُ مَنْصُوبَةٌ عَلَى التَّفْسِيرِ. وَقَدْ بَيَّنَّا نَظَائِرَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.