الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّكَ} [البقرة: 32] يَا مُحَمَّدُ {لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] هِدَايَتَهُ، {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 272] أَنْ يَهْدِيَهُ مِنْ خَلْقِهِ، بِتَوْفِيقِهِ لِلْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ. وَلَوْ قِيلَ: مَعْنَاهُ: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَهُ، لِقَرَابَتِهِ مِنْكَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، كَانَ مَذْهَبًا {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ سَبَقَ لَهُ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ يَهْتَدِي لِلرَّشَادِ، ذَلِكَ الَّذِي يَهْدِيهِ اللَّهُ -[283]- فَيُسَدِّدُهُ وَيُوَفِّقُهُ، وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ امْتِنَاعِ أَبِي طَالِبٍ عَمِّهِ مِنْ إِجَابَتِهِ، إِذْ دَعَاهُ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، إِلَى مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ.