وَقَوْلُهُ: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} [القصص: 22] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَمَّا جَعَلَ مُوسَى وَجْهَهُ نَحْوَ مَدْيَنَ، مَاضِيًا إِلَيْهَا، شَاخِصًا عَنْ مَدِينَةِ فِرْعَوْنَ، وَخَارِجًا عَنْ سُلْطَانِهِ، {قَالَ: عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} [القصص: 22] وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ: {تِلْقَاءَ} [الأعراف: 47] : نَحْوَ مَدْيَنَ؛ وَيُقَالُ: فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، يَعْنِي بِهِ: مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَيُقَالُ: دَارُهُ تِلْقَاءُ دَارِ فُلَانٍ: إِذَا كَانَتْ مُحَاذِيَتَهَا، -[203]- وَلَمْ يَصْرِفِ اسْمَ مَدْيَنَ لِأَنَّهَا اسْمُ بَلْدَةٍ مَعْرُوفَةٍ، كَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَرَبُ بِأَسْمَاءِ الْبِلَادِ الْمَعْرُوفَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الكامل]
رُهْبَانُ مَدْيَنَ لَوْ رَأَوْكِ تَنَزَّلُوا ... وَالْعُصْمُ مِنْ شَعَفِ الْعُقُولِ الْفَادِرِ