أَنَّهُ افْتَتَحَ بِهَا لِيَعْلَمَ أَنَّ السُّورَةَ الَّتِي قَبْلَهَا قَدِ انْقَضَتْ، وَأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ فِي أُخْرَى، فَجَعَلَ هَذَا عَلَامَةَ انْقِطَاعِ مَا بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يُنْشِدُ الرَّجُلُ مِنْهُمُ الشِّعْرَ فَيَقُولُ: بَلْ،

[البحر الرجز]

وَبَلْدَةٌ مَا الْإِنْسُ مِنْ آهَالِهَا

وَيَقُولُ: لَا بَلْ،

[البحر الرجز]

مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا

وَبَلْ لَيْسَتْ مِنَ الْبَيْتِ وَلَا تُعَدُّ فِي وَزْنِهِ، وَلَكِنْ يَقْطَعُ بِهَا كَلَامًا وَيَسْتَأْنِفُ الْآخَرَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلِكُلِّ قَوْلٍ مِنَ الْأَقْوَالِ الَّتِي قَالَهَا الَّذِينَ وَصَفْنَا قَوْلَهُمْ فِي ذَلِكَ وَجْهٌ مَعْرُوفٌ. فَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: {الم} [البقرة: 1] اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ، فَلِقَوْلِهِمْ ذَلِكَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا أَنَّ: {الم} [البقرة: 1] اسْمٌ لِلْقُرْآنِ كَمَا الْفُرْقَانُ اسْمٌ لَهُ. وَإِذَا كَانَ مَعْنَى قَائِلِ ذَلِكَ كَذَلِكَ، كَانَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: {الم} [البقرة: 1] ذَلِكَ الْكِتَابُ عَلَى مَعْنَى الْقَسَمِ؛ كَأَنَّهُ قَالَ: وَالْقُرْآنُ هَذَا الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ. وَالْآخَرُ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا أَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ السُّورَةِ الَّتِي تُعْرَفُ بِهِ كَمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015